إحياء‭ ‬ذكرى‭ ‬ملحمة التحدي ‮.. ‬معركة تازينة

عضو دائم السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 08/04/2011

الأبيض سيدي‮ ‬الشيخ‮ ‬

إحياء‭ ‬ذكرى‭ ‬ملحمة التحدي ‮.. ‬معركة تازينة

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

يحسب لمنطقة البيض احتضانها للمقاومات الشعبية سواء تلك التي‮ ‬كان ثراها منطلقا لها او امتدادا للمقاومات الأخرى التي‮ ‬اندلعت في‮ ‬بقية أنحاء الوطن في‮ ‬تعبير‮ ‬واضح‮ ‬عن رفضها للمحتل الأجنبي‮ ‬الذي‮ ‬لفظته باعتباره دخيلا لا‮ ‬يمكن التعايش معه و ناصبته العداء وقدمت لذلك آلاف الشهداء‮ ‬فصار لفعل‮ ‬المقاومة‮ ‬وقعه علي‮ ‬السكان الذين‮ ‬نبذوا كل ما له صلة بالغازي‮ ‬معلنين‮ ‬الجهاد سبيلا للتخلص منه‮ ‬فعرفت الجزائر عددا من الثورات شرقا وغربا وشمالا و جنوبا الذي‮ ‬شهد اندلاع ثورة أولاد سيدي‮ ‬الشيخ‮ ‬سنة‮ ‬1864‮ ‬بقيادة سي‮ ‬سليمان بن حمزة وسي‮ ‬قدور وسي‮ ‬العلا مرورا بمقاومة الشيخ بوعمامة‮ ‬1881‮ ‬و انتهاء بالثورة التحريرية‮ ‬المباركة‮ ‬في‮ ‬الفاتح من نوفمبر‮ ‬1954‮ ‬وتنفرد البيض في‮ ‬ذلك انها احتضنت أطول مقاومة امتدت من‮ ‬1864‮ ‬بمقاومة أولاد سيد الشيخ التي‮ ‬اعقبها مباشرة الشيخ بوعمامة الى‮ ‬غاية بدايات القرن المنقضي‮ ‬اي‮ ‬في‮ ‬سنة‮ ‬1908‮ ‬و هذا‮ ‬يعني‮ ‬قرابة‮ ‬44‮ ‬سنة من الصراع المرير مع الغازي‮ ‬الفرنسي‮ ‬الذي‮ ‬ارتبط‮ ‬بكثير الكوارث القاسية كالأوبئة والأمراض والفقر والجهل و انتشار الجراد فكل‮ ‬سيء هو مصدره الذي‮ ‬يقابل‮ ‬بنخوة الجزائريين المتمسكين بأصالتهم وبدينهم ووطنهم و أرضهم و لغتهم‮ ‬و ثقافتهم وتاريخهم‮ ‬وقيمهم التي‮ ‬وجه اليها‮ ‬الغزاة منذ الوهلة الأولي‮ ‬سهامهم المسمومة‮ ‬دون ان‮ ‬يفلحوا فخاض الآباء و الأجداد‮ ‬المعارك في‮ ‬المدن و ساحات الوغى التي‮ ‬قد تختلف مواعدها وساحاتها لأسباب تكتيكية و ظرفية‮ ‬لكن القاسم المشترك بينها عداوتها للاحتلال و بكل‮ ‬ما له علاقة به‮ ‬فاستطاعت رغم‮ ‬محدودية عتادها و عدتها و‮ ‬نقص خبرتها توجيه ضربات موجعة للمحتل معطلة مشاريعه البائسة التي‮ ‬تلغي‮ ‬الآخر و تجثم علي‮ ‬صدره لتسلبه حريته‮ ‬فلم‮ ‬يهنأ من جاء من وراء البحار بالطمأنينة التي‮ ‬أراد سلبها من السكان‮ ‬الأصليين الآمنين انها المقاومة التي‮ ‬كلما انطفأت في‮ ‬جهة اشتعلت جذوتها في‮ ‬أخري‮ ‬واشتد عودها اكثر ازداد قوة وشراسة مبطلة الاعتقاد ان سيطرتهم علي‮ ‬الجزائر في‮ ‬فترة وجيزة‮ ‬ما هي‮ ‬الا مسالة ايام معدودات وفي‮ ‬خضم هذه الأحداث‮ ‬برز رجال لا‮ ‬يتوانون في‮ ‬تقديم الغالي‮ ‬و النفيس دفاعا عن الأرض و العرض فانخرطوا في‮ ‬صراع‮ ‬استمر طويلا‮ ‬و مع تشابه ايام الجزائريين في‮ ‬مقارعة المحتل منذ محاولاته الأولي‮ ‬أحكام السيطرة على وطنهم‮ ‬تستوقفنا واحدة من هذه الملاحم‮ ‬يتعلق الأمر‮ ‬بموقعة‮ ‬الصمود‮ ‬‭'' ‬تازينة‮'' ‬التي‮ ‬حدثت في‮ ‬19‮ ‬ماي‮ ‬1881‮ ‬بقيادة ابي‮ ‬عمامة‮ ‬قائد‮ ‬المقاومة‮ ‬‭ ‬بالجنوب الوهراني‮ ‬قرابة‮ ‬ثلاثين سنة انه ابوعمامة العربي‮ ‬البوشيخي‮ ‬البكري‮ ‬ولد سنة‮ ‬1256‮ ‬ه الذي‮ ‬وافق‮ ‬1835‮ ‬م بقصر الحمام الفوقاني‮ (‬فقيق‮) ‬والمتوفى ببودرين في‮ ‬7‮ ‬اكتوبر1908‮ ‬حسب ما أورده الأستاذ عبد الحليم‮ ‬وابل في‮ ‬كتابه‮ ''‬أبطال المقاومة الوطنية المسلحة‮'' ‬عن دار الهناء للطباعة والنشر والتوزيع‮ ‬ولئن اختلف بعض المؤرخين حول تاريخ مولده فالمؤكد إجماعهم‮ ‬على انتمائه لأولاد سيدي‮ ‬الشيخ الغرابة‮ ‬الذي‮ ‬ينتهي‮ ‬نسبهم

عند‮ ‬الخليفة‮ ‬ابي‮ ‬بكر الصديق رضي‮ ‬الله عنه و‮ ‬يبدو ان تسميته بابي‮ ‬عمامة سببها‮ ‬استعماله للعمامة التي‮ ‬تغطي‮ ‬الرأس وقد عرف بها‮ ‬العرب لتقيهم القر و الحر‮ ‬في‮ ‬ترحالهم‮ ‬تكيفا مع المناخ‮ ‬وطبيعة الصحراء القاسية‮ ‬حفظ القران الكريم‮ ‬فتصدى للتبشير والتنصير شخصية جمعت الكثير كالتصوف و العلم و الوجاهة والاعتزاز بالانتماء للإسلام والعروبة فحفظ القران الكريم وتعلم الفقه و اللغة وأقام زاوية مقرار في‮ ‬1872‮ ‬كانت مدرسة لتلقين العلوم ومساعدة المحتاجين خدمة للدين والوطن قولا وفعلا فمهد بذلك لثورته‮ ‬مقتنعا انه لا‮ ‬ثورة دون إعداد مادي‮ ‬ونفسي‮ ‬ومعنوي

فاحتل مكانة‮ ‬مرموقة بين القبائل‮ ‬أهلته ليكون قائدا‮ ‬لثورة‮ ‬مازالت مادة خصبة للدارسين والمهتمين أبطالها أهل الجنوب‮ ‬الغربي‮ ‬وقد مر عليها‮ ‬131‮ ‬سنة‮ ‬مازال صداها‮ ‬في‮ ‬الذاكرة لسكان الأبيض سيدي‮ ‬الشيخ والبيض والقصور خصوصا‮ ‬مع اغلب‮ ‬المدن الغرب الجزائري‮ ‬فمعركة تازينة‮ ‬هي‮ ‬واحدة من عشرات المعارك‮ ‬التي‮ ‬قادها هذا المجاهد في‮ ‬الفترة‮ ‬الممتدة من‮ ‬1881‮ ‬الى‮ ‬1908‮ ‬مدركا‮ ‬بحدسه منذ البداية الخطر الذي‮ ‬يتهدد الأرض والدين و اللغة بسبب هؤلاء‮ ‬الفرنسيين القادمين من وراء فحشد لذلك أبناء المنطقة‮ ‬من الطرافي‮ ‬والأحرار وأولاد سيدي‮ ‬الشيخ وأولاد زياد وامقرار و أولاد سي‮ ‬التاج و أولاد عمور و قبائل القصور الشلالة وبوسمغون واربوات وغيرها من القبائل الاخرى التي‮ ‬انضمت اليه‮ ‬لتكون‮ ‬له سندا‮ ‬في‮ ‬الحرب و حصنا منيعا في‮ ‬صد العدو‮ ‬تقع تازينة بولاية البيض حوالي‮ ‬120‭ ‬كلم عن‮ ‬عاصمة الولاية و ب70‮ ‬كلم مدينة الابيض سيدي‮ ‬الشيخ وتحتل موقعا جغرافيا متميزا بين ولاية البيض و النعامة و‮ ‬في‮ ‬دلالة الموقع‮ ‬ما‮ ‬يشير الي‮ ‬كثير من بعد النظر للقائد‮ ‬الذي‮ ‬استطاع‮ ‬هزيمة العدو ابرز نتائج هذه المعركة‮ ‬مقتل الملازم مارك لوروي‮ ‬و عدد كبير من الضباط و الجنود الفرنسيين ليصل العدد الي‮ ‬حوالي‮ ‬300‮ ‬قتيل كبد فيها الثوار الجيش الاستعماري‮ ‬خسائر كبيرة و حقق‮ ‬فيها المجاهدون انتصارا لافتا خصوصا في‮ ‬ظل الاختلال في‮ ‬ميزان القوي‮ ‬و نقص الخبرة التي‮ ‬مكنت من تقليص هامش الحركة للمحتلين مما شجع المجاهدين علي‮ ‬الإقبال علي‮ ‬الجهاد‮ ‬فأسست‮ ‬لمرحلة من الكفاح‮ ‬استمر لسنوات بالجنوب الوهراني‮ ‬الذي‮ ‬شهد‮ ‬قبلا ثورة أولاد سيدي‮ ‬الشيخ في‮ ‬1864‮ ‬إلى‮ ‬غاية نهاية القرن أعقبتها ثورة الشيخ بوعمامة من‮ ‬1881‮ ‬الي‮ ‬غاية‮ ‬1908‮ ‬فالكثير من المؤرخين‮ ‬يتفقون على العلاقة الوطيدة وتكامل المقاومتين‮ ‬مقاومة الشيخ بوعمامة‮ ‬و اعتبارها امتدادا لثورة أولاد سيد الشيخ بقيادة سي‮ ‬سليمان بن حمزة‮ ‬وهذا التقسير له ما‮ ‬يبرره بالنظرالي‮ ‬بعدي‮ ‬الزمان والمكان الجليين زيادة علي‮ ‬الأسباب المشتركة التي‮ ‬أوجبت قيامها منها علي‮ ‬الخصوص‮.‬

‮❊ ‬حلقة وصل بين أولاد سيدي‮ ‬الشيخ وبوعمامة

‮ ‬ان الاحتلال هو‮ ‬السبب الرئيس للقيام بهذه الثورة فهو خطر‮ ‬يتهدد الدين واللغة و مقومات‮ ‬الجزائريين و تعرضهم‮ ‬للتهجير وهم المرتبطين دوما بالارض ابا عن جد‮ ‬التمييز و التنصير والتقتيل والتفقير والكثير من المظالم التي‮ ‬جاء بها الاحتلال الذي‮ ‬هدد الكيان الجزائري‮ ‬و هذه الأسباب تشكل مدعاة للانتفاضة ضد الغزو الذي‮ ‬يسلب الإنسان حريته وكرامته ولان التاريخ ليس سردا للأحداث‮ ‬فقط فان معركة تازينة خصوصا والثورات التي‮ ‬تزامنت معها قد افرزت عدة حقائق منها ان هذه المعركة وقعت في‮ ‬مكان مهم جغرافيا مكن اغلب قبائل الصحراء من المشاركة في‮ ‬القتال‮ ‬فضلا عن‮ ‬كونها حلقة وصل بين ثورتي‮ ‬اولاد سيدي‮ ‬الشيخ وابي‮ ‬عمامة التي‮ ‬دامتا مجتمعتين حوالي‮ ‬44‮ ‬سنة‮ ‬وبالتالي‮ ‬كانت من اطول الانتفاضات في‮ ‬تاريخ الكفاح ضد المحتل الفرنسي‮ ‬أن الجزائري‮ ‬يرفض التعايش مع من‮ ‬يسلبه حريته ولا‮ ‬يتردد في‮ ‬التضحية في‮ ‬سبيل ذلك فالدخيل‮ ‬ليس له مكان بين الشعب الجزائري‮ .‬

‮ ‬ان الزوايا أحيت جذوة الجهاد و الدعوة اليه‮ ‬فخرجت علماء وأبطالا فهي‮ ‬مدارس لتعليم العلم والقيم‮ ‬أرضعت القادة قبل الجنود حب الوطن منها لا مساومة مع من‮ ‬يتعرض للوطن ذلك ان الاحتلال ليس قدرا و هؤلاء الابطال زرعوا البذرة الأولى‮ ‬بين الأجيال احتضنها جيل‮ ‬نوفمبر‮ ‬فكانت ثورة أول نوفمبر فرضت الوقائع علي‮ ‬الأرض حدوث معارك في‮ ‬مناطق معينة وهذا لا‮ ‬يعني‮ ‬قصر في‮ ‬النظر لدى القادة بل كان‮ ‬يشمل‮ ‬الجزائر كلها‮ ‬بدليل‮ ‬امتدادها علي‮ ‬ارض المعركة و التي‮ ‬شملت أنحاء اخري‮ ‬في‮ ‬أقاصي‮ ‬الصحراء جنوبا كرزاز‮ ‬ومعسكر ثورة‮ ‬الشيخ بوعمامة و مثيلاتها استطاعت ان تنشر بين عامة الشعب حتمية المقاومة كسبيل وحيد لتحرير الأرض‮ ‬التي‮ ‬عانت من ويلات القهر والاستبداد و الظلم الذي‮ ‬مارسه المحتل‮ ‬علي‮ ‬الجزائريين لحقبة زمنية‮ ‬دامت قرنا واثنين و ثلاثين سنة علمنا هولاء القادة الأبطال‮ ‬سعوا الي‮ ‬لم الشمل بين الجزائريين في‮ ‬تنقلهم عبر المناطق و الالتقاء بالقبائل والحث علي‮ ‬دعم الثورات‮ ‬لمحاربة الاحتلال‮ ‬و التكاثف لبناء الجزائر شرقا و‮ ‬غربا وجنوبا و شمالا فالقادة حتي‮ ‬و ان‮ ‬لم‮ ‬يخرجوا الاحتلال دفعة واحدة فإنهم لم‮ ‬يستسلموا فواصلوا جهادهم‮ ‬فاجتهدوا و في‮ ‬ذلك رسالة الي‮ ‬الأجيال اننا نحن من بدا و انتم من‮ ‬يكمل فأثمر الغرس ثورة أول نوفمبر1954‮ ‬التي‮ ‬أنجزت مهمة تحرير الأرض و الإنسان من دنس الاحتلال محققة آمال و تطلعات أجيال من المناضلين و هذه المعركة احدى‮ ‬المقدمات التي‮ ‬عبدت الطريق لتحقيق النصر النهائي‮ ‬منذ خمسين سنة‮.‬

مشرفة السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 04/06/2011

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

مشرفة السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 04/06/2011

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

» " معركة تازينة " .... قلعة أخري من قلاع التحدي
» سلسلة إحياء السنن المهجورة
» معركة القور بريزينة