ثقافة ـ مدينة سيدي الشيخ ...تاريخ وأصالة و سياحة
بلواسع الجيلالي
05-06-2012
تشهد معظم مناطق الجنوب الغربي خلال عطلة الصيف توافدا كبيرا للزوار سواء من داخل الوطن أو من خارجه من مختلف الجنسيات نظرا للتنمية الشاملة التي عرفتها البلاد في شتى القطاعات الحساسة منها على وجه الخصوص السياحة على امتداد السنوات الأخيرة والخم من ذلك المكانة التي ارتقت لها الجزائر من الفترة الممتدة ما بين 1999 إلى يومنا هذا الاستقرار ،التنمية ، تطوير العلاقات الدولية ...هكذا كان حديث الكثير من السياح الذين إلتقتهم "الجمهورية " في وقت سابق يتدفقون على الكثير من المناطق السياحية ذات المعالم والمحطات الأثرية التي تستقطبهم سنويا لاسيما بالجنوب الكبير تحديدا بمناطق الأبيض سيدي الشيخ هذه البلدة العريقة التاريخية تأسست منذ حوالي القرن التاسع الهجري لها خصوصيات نادرة من حيث التحف العمرانية التي لا تزال شاهقة مثل القصور منها القصر العتيق الذي بني منذ أكثر 3 قرون و50 سنة فضلا عن تاريخ بناء المسجد العتيق الذي يعتبر منارة علم تجاوز 4 قرون و70 سنة حسب أرجح المعطيات التاريخية ..
الأبيض سيدي الشيخ تزخر بكنوز سياحية أهمها المعالم الأثرية بالأخص كخلوة سيدي الشيخ هذه منطقة تعتبر من أشهر المعالم التاريخية التي بنيت بعمران تقليدي متميز خلال الحقبة التي عاشها الولي الصالح سيدي الشيخ الممتدة من 940 هـ /1533 م إلى غاية 1025 هـ/ 1616 م.. هذه المنطقة كان يختلي بها سيدي الشيخ ويقوم بطقوسه الخاصة به ويتعبد بها خصوصا حفظ القرآن الكريم ويزاول نشاطاته الرياضية وغيرها. ويضاف لهذا بأن الولي سيدي عبد القادر بن محمد الملقب بسيدي الشيخ له 100 خلوة وخلوة منتشرة بالجهة ترسخ عمقا وبعدا تاريخيا وإرثا حضاريا بالأخص على تراب مناطق دائرة الأبيض سيدي الشيخ... وأهم الخلوات الشهيرة والتي لا تزال آثارها قائمة إلى يومنا هذا منها خلوة أم المرونة جنوب الأبيض سيدي الشيخ وخلوة أخرى بضواحي أربوات ...
وللتذكير ينظم بها الكثير من السكان سنويا بعض الوعدات المتمثلة في ولائم يتم من خلالها التئام شمل الناس على مظاهر التلاقي والتآخي وتذكر خصال الرجل على ما تركه من قيم نبيلة وتاريخ طلب العلم المجسد بالزوايا التي ظلت شامخة كما هو الحال بالأبيض سيدي الشيخ وعلى هذا السياق تشهد معظم المحطات الأثرية تدفقا غير مسبوق من خلال توافد الزوار من كل حدب وصوب خاصة حين ينظم السكان تظاهرة ركب سيدي الشيخ التي تعرف إقبالا كبيرا من قبل المواطنين من مختلف مناطق الوطن وخارجه مما يستغل الفرصة الكثير من المهتمين والباحثين في الإنثروبولوجيا حول هذه التظاهرات الثقافية التي تتواصل على امتداد حوالي 5 قرون تقريبا بعاصمة أولاد سيدي الشيخ، حيث تنحصر هذه التظاهرات في السياحة الاجتماعية والدينية لاسيما كما يتجسد ذلك في الزوايا العريقة منها الزاوية التيجانية مقرها بلدية بوسمغون وزاوية سيدي أخليفة ببوقطب والزاوية المركزية والزاوية القرآنية.. ولا حصر على ما تزخر به مناطق ولاية البيض من مكاسب نادرة في الجانب السياحي الترفيهي تجعل السياح يتوافدون عليها خاصة خلال فصل الصيف الذي يعد موسما لازدهار السياحة بشتى أنواعها لاسيما توافد الكثير من المواطنين من مختلف مناطق الوطن خاصة من الجهة الغربية ..وغير بعيد عن عاصمة أولاد سيدي الشيخ تحظى واحة النخيل ببلدية بريزينة التي تتربع على حوالي 32 ألف نخلة فتجد العائلات منتشرة في كل مكان وكل زاوية تفترش الأرض وتتنزه تحت ظلها طوال أوقات النهار وعلى امتداد عمر فصل الحر وتجدر الإشارة بأن الحركة تبدأ تعج مع بداية كل صيف ناهيك على مظاهر التلاحم والتلاقي بين الأحباب والأصدقاء وعلى ما تصنعه الطبيعة بهذا المكان إنها منطقة تحكي التاريخ..
الراحة والاسترخاء تحت ظل النخيل لا بديل له عند سكان بريزينة، خاصة حين يتم التئام شملهم حول صينية الشاي وكذا للزوار حديث أخر بهذه المنطقة العريقة خاصة الذين يتوافدون على سد لروية الذي تبلغ سعته حوالي 107 ملون متر مكعب و يعد من أهم المنشآت التي تزخر بها مدينة بريزينة حيث فتح هذا الأخير فضاءات كبيرة لرواد تربية الأسماك واصطيادها بهذه البحيرة المتواجدة في قلب الصحراء ، وعلى صعيد آخر عرفت بعض الآثار التاريخية لاسيما تاريخ بنت الخص الملكة الشهيرة بالجهة التي عمرت طويلا بجهة مدينة بريزينة منذ أمد بعيد وكثيرا ما ألهمت بحوث المؤرخين والمهتمين بالتراث المادي وغير المادي خاصة التظاهرات التي تنظم بمعظم مناطق ولاية البيض ...
ومن جهة أخرى تتربع مناطق ولاية البيض من جنوبها إلى شمالها على الكثير من المغارات التي تحكي تاريخ الحضارات الغابرة مثلا ببلدية بوسمغون غربا إلى بلدية الغاسول شرقا أما الكثبان الرملية التي تمتد من جنوب الأبيض سيدي الشيخ إلى ضواحي بلدية بريزينة فجعلت هذه المواقع الإستراتيجية الطبيعية تساهم بقدر كبير في جلب السياح من مختلف الجنسيات وكذا استقطاب وكالات السياحة...
وهذه الكثبان الرملية تعطي ميزات هائلة للسياحة الرياضية المعروفة بالتزحلق على الرمال لاسيما على المساحات الجنوبية بالأبيض سيدي الشيخ وكذا ركوب الجمال وتنظيم منافسات على سباق الإبل التي تعرف انتشارا بجل المناطق الرعوية وبغض النظر عن أهمية تربية هذه الثروة الحيوانية المذكورة في الكتاب علاوة عن منافعها الصحية كالإقبال على شرب حليبها الغني بمنافعه العلاجية الذي يستعمل للأمراض المستعصية كداء السكري والأورام الخبيثة.