ضغوط سياسية وحسابات جهوية وعروشية وراء تخلي الرئيس عنه
بوتفليقة يُلغي مشروع التقسيم الإداري الجديد
حذف رئيس الجمهورية، مشروع التقسيم الإداري الجديد، بصفة رسمية من أجندته، ولم يعد يشكل أولوية مطلقا بالنسبة لبرنامج العهدة الرئاسية الثالثة، وذلك بسبب مجموعة من العوامل التي أجهضت المشروع منها عوامل سياسية وضغوط جهوية ومنطق العروشية الذي جعل عدد طلبات ترقية الدوائر إلى ولايات يتجاوز الـ90 طلبا.
وعلمت "الشروق" من مصادر موثوقة، أن مشروع التقسيم الإداري الجديد لن ير النور خلال العهدة الرئاسية الثالثة، إذ أضحى في حكم الملغى بعد استحالة إدراج تعديلات على الدراسة الأولية أو المشروع في نسخته التمهيدية، الذي سبق وأن عرض للنقاش خلال مجلس للحكومة في سبتمبر 2009، الأمر الذي يفرض إجراء دراسة جديدة بعيدة كلية عن الدراسة القديمة، وتخضع لمجموعة من العوامل والمقاييس العالمية، إلى جانب دراسة جدوى التقسيم وترقية الدوائر المعنية إلى ولايات، وهي الدراسة التي لن يتم إطلاقها على المدى القريب أو على الأقل لن يتم إطلاقها قبل نهاية 2014.
تراجع الرئيس بوتفليقة عن مشروع التقسيم الإداري الجديد، ودحرجة المشروع من أجندة الرئيس فرضته العديد من العوامل الموضوعية، منها السياسية التي تفرعت عنها ضغوط جهوية وحسابات عروشية، إلى جانب عوائق مادية منها ما تعلق بالكلفة المادية والموارد البشرية المؤهلة لضمان التأطير، فمصادرنا تحدثت عن أزيد من 90 طلبا لتأهيل وترقية دوائر إلى ولايات، ناهيك عن تأهيل بلديات إلى دوائر، وأوضحت مصادرنا أن التعامل مع الملف أضحى شائكا وحساسا جدا، بالنظر إلى إمكانية استغلالها من قبل جهات تخضع في تقييمها للملفات للمزاجية والجهوية الضيقة، ناهيك عن منطق العروشية الذي جعل العديد من الجهات النافذة تتحرك في اتجاه مشروع التقسيم الإداري للاستثمار فيه.
الحكومة التي لوحت بسياسة التقشف وجهرت بمخاوفها من التقلبات التي تشهدها السوق العالمية، لدرجة أنها علقت برمجة مشاريع تنموية جديدة، لن يكون بوسعها حسب مصادرنا تخصيص 6000 مليار سنتيم أي ما يعادل 600 مليون أورو، لتطبيق مشروع التقسيم الإداري الجديد الذي قدرت الدراسات الأولية أن تطبيقه يحتاج إلى 6000 مليار سنتيم، لتغطية تكاليف بناء المقرات التي ستضم المصالح المختلفة التي تشكل المقاطعات الإدارية، منها أزيد من 100 مليار غلاف مالي لتغطية حاجة الموارد البشرية من أجور للموظفين والإطارات الجديدة التي ستسهر على تسيير مختلف المصالح، إلى جانب ضرورة رصد حوالي 400 مليون دينار كأجور لمصالح الاتصالات.
سقوط مشروع التقسيم الإداري الجديد من أجندة بوتفليقة، بصفة نهائية يأتي في أعقاب تأجيله وإرجائه إثر جلسة الاستماع الرمضانية التي عرض خلالها وزير الداخلية والجماعات المحلية السابق، يزيد زرهوني، أمام الرئيس بوتفليقة وهو العرض الذي حمل قائمة تضم 110 مقاطعة إدارية، 95 مقاطعة منها موزعة على 45 ولاية، فيما كان من المنتظر أن تضم عاصمتي غرب وشرق البلاد وهران وقسنطينة 15 مقاطعة إدارية، وتخضعان لنفس التسيير الإداري للجزائر العاصمة، لترسيخ نظام المدن الكبرى المحورية، ومن بين المعايير التي تم الإعتماد عليها يومها في تسطير التقسيم الذي علّق قبل أن يدفن، الكثافة السكانية للدوائر وعدد البلديات.
جدير بالتذكير أن آخر تصريح لوزير الداخلية دحو ولد قابلية، بخصوص مشروع التقسيم الإداري قال بإمكانية طرح المشروع بعد المحليات، غير أن آخر المعلومات تؤكد سقوط المشروع في الماء واستحالة العودة للحديث عنه قبل نهاية 2014.
