ذكرى زلزال الشلف
32 سنة لم تمح آثار النكبة
10-10-2012
32 سنة تمر اليوم على زلزال الأصنام الشلف حاليا الذي خرب المدينة وحطمها بنسبة 80٪ كما خلف آلاف الضحايا من قتلى وجرحى بعضهم ما زال اليوم يعاني من آثار هذه الكارثة الطبيعية
سكان الشلف مازالوا يتذكرون جيدا تلك الهبة التضامنية التي ظلوا يتلقونها أيام النكب من قبل إخوانهم ومن جميع الولايات تقريبا إضافة إلى الدعم المادي المعنوي والمدد الذي وصلهم من قبل الدولة من أجل مساعدتهم على تخطي المحنة وتجاوز أثارها السيئة والتي كان لها عظيم الأثر على حياة ومستقبل أجيال بكاملها.
32 سنة تمر اليوم على تاريخ تلك الجمعة سوداء وبتاريخ 1980/10/10 وقتها كانت عقارب الساعة تشير إلى 13 و20 دقيقة عندما رجت الأرض رجا فتهاوت المباني وتصدعت ولم يسلم منها سوى العدد القليل ويتذكر الحاج عبد القادر (80سنة) تلك اللحظة العصيبة فيقول كنا وقتها بصدد أداء صلاة الجمعة كانت المدينة شبه خالية من المارة إستعمنا إى صوت يشبه صوت الرعد لم يحدد مصدره في البداية شعرنا بالأرض تهتز تحت أقدامنا فبقينا مذعورين ينظر بعضنا إلى بعض في إستغراب أسوار المسجد تمايلت ذات اليمين وذات الشمال وتشققت لكنها لحسن الحظ لم تسقط على رؤوسنا خرجنا بصعوبة بعد زحام شديد على الأبواب شاهدت غبارا كثيفا يلف المدينة بكاملها كنت أسمع أصواتا مدوية هنا وهناك يعقبها مزيدا من الغبار المتطاير همس في أذني أحد جيراني أنظر أننا نتعرض إلى قصف من قبل طائرات عدو فإستغربت ومن يكون هذا العدو الذي يقصف مدينتنا بطائراته ؟! وبعد مرور وقت وجيز تأكدت أن الأصوات التي كنا نسمعها من قبل هي أصوات سقوط العمارات الواحدة تلوا الأخرى والتي تأثرت بشدة الهزة .... وقبل أن يواصل تسبقه دموع لقد رأيت مناظر مفزعة جدا في مختلف الأحياء التي مررت عليها وأنا عائد إلى بيتي مهرولا رأيت أشخاصا تحاصرهم الأنقاض وهم يصرخون وشاهدت موتى تحت الردم بقيت بعض الأطراف خارجه ولم نعرف أنه الزلزال إلا بعد وقت طويل لأني لم أكن أثناء زلزال 1954 بهذه المدينة.
أما الحاجة فاطمة (65سنة) فلم تقبل في البداية الحديث عن هذا الكابوس الذي عايشته كما عاشه سكان الولاية وبلغتها تقول «واش جابك ياولدي لتحيي هذا الجرح لقد تذكرت اللحظة جارتي يامنة التي قضت رفقه أفراد أسرتها داخل مسكنهم ولم يسلم منهم أحد أما إبنة عمتي ياقوت فهي اليوم وحيدة بعد أفقدت جميع أفراد أسرتها خلال هذه الكارثة أرجوك ياولدي لا تذكرني بأيام الغبن وكما تلاحظ فإنه ليس من السهل مفاتحة السكان في هذا الموضوع وإلى اليوم لأن نسبة كبيرة منهم يريدون الخوض فيه وما أصعب أن تسمع إلى هؤلاء وتحسن بالآمهم وأوجاعهم.
*بنايات مصدر كل الأمراض
كل من حاولنا محاورته في الموضوع من أبناء هذه الولاية ذكر لنا ما تعيشه مئات العائلات من ويلات تحت الشاليهات أو ما يعرف بالبناء الجاهز الذي جاء كمرحلة أولى عند بداية النكبة من أجل إسكان العائلات المتضررة والتي فقدت مساكنها كان عمر هذه البناءات 10 سنوات لكنها اليوم يصل إلى أزيد من 30 سنة وصارت مصدرا لكل المخاطر.
عمي المخطار (70سنة ) أحد سكان هذه الشاليهات يسرد علينا طرائف وغرائب لا يصدقها العقل مما يعانيه هو وأفراد أسرته تحت «البراكة» ومنها أنها صارت تفرز دودا أبيض لا يشبه أنواع الدود الموجود في بلادنا يقول عمي المخطار أما ما يعرف بحشرة «ڤرلو» المعروفة فهي أيضا مستوردة مع مكونات هذا النوع من البناء هذا إضافة إلى أنواع أخرى من الحشرات والديدان لم تكن موجودة أصلا بهذه المنطقة يقول العديد من السكان الذين تحدثنا معهم في الموضوع
مشكل البناء الجاهز وكيفية إزالته أسال الكثير من الحبر وبقي صراع في رؤوس المسؤولين على مختلف المستويات وتقول بعض المصادر أن عدد البناءات الجاهزة التي تم إحصاؤها وصل 19300 وحدة معظمها بعاصمة الولاية وبلدية الشطية إضافة إلى 28 بلدية أخرى منتشرة عبر ربوع الولاية.
وقد شكلت لجنة ولائية كانت مهمتها إحصاء البناءات الجاهزة بل العائلات القاطنة بهذه السكنات خاصة تلك التي لا تسمح لها وضعيتها المادية والإجتماعية ببناء سكن كان هذا في صيف سنة 2008 وكانت سنة 2009 موعدا لإزالة هذا الهم رمسح كل آثاره لكن كيف ؟ فهنا مربط الفرس كان في البداية التفكير في ترحيل السكان إلى السكنات الإجتماعية في كل من الشرفة أولاد محمد والشطية عبر المدن الجديدة أنشأت لهذا الغرض مع العلم أن فكرة إزالة هذه الشاليهات طرحت أيضا خلال زيارة رئيس الجمهورية للولاية في سنة 2005 إلا أن فكرة الترحيل يهضمها جل السكان ولم يقبلوا بها وإستجابت الحكومة لمطلب السكان وقررت إبقاء هؤلاء في أماكنهم على أن يتم تعويض العائلات المعوزة والمحتاجة ويقرر الوزير تمويل 6300 سكن كان موجها لهؤلاء إلى سكن إجتماعي بالمدن الجديدة التي تم بناؤها
19300 بناء جاهز وخلاف حول صيغة التعويض
يقول بعض الذين تحدثنا معهم في الموضوع أن المرسوم الرئاسي الصادر في الجريدة الرسمية بتاريخ 2006/12/27 قرر منح منكوبي الولاية على غرار ولايات أخرى إعانة مالية قدرها مليون دينار جزائري قروض ميسرة بنسبة فائدة قدرت بـ 2٪ تتحمل الخزينة العمومية تمويلها على مدى عشرين سنة بالإتفاق مع الصندوق الوطني للتوفير والإحتياط.
إلا أنه تم التراجع عن هذا وبقي فقط منح القروض وهذا ما فجر أزمة وجعل التنسيقية الولائية لجمعيات الأحياء تطالب بالتعويض كما هو محدد في المرسوم الرئاسي وعرف هذا الملف أطوار معروفة إنتهى إلى طريق مسدود وقتها كما قال لنا أحد السكان.
وهذه لغة الأرقام حيث تشير بعض المصادر المطلعة إلا أن عدد الذين قاموا بشراء سكناتهم 11 ألف و947 فيما يبقى نحو 369 سكان مستأجر لدى ديوان الترقية والتسيير العقاري.
من جهة أخرى أكدت لنا بعض المصادر أن الحكومة لبت جميع مطالب سكان هذه البناءات فيما يبقى فقط الخلاف حول التعويض الذي يكون حالة بحالة ويمس العائلات الفقيرة والمعوزة فقط دون بقية السكان أما البقية فعليهم اللجوء إلى الإقتراض
* معاناة وسكان تحت رحمة الأميونت
حسب مصدر من مديرية السكن والتجهيزات العمومية فإنه قد تم خلال السنة الجارية تخصيص ما يزيد عن 1830 مساعدة مالية مخصصة لإستبدال السكنات الجاهزة وتعويضها بأخرى صلبة حيث سيتم بناء نحو 1569 مسكن وإتمام أشغال بناء 264 مسكن آخر.
دائما وحسب ذات المصدر فإنه تمت المصادقة على نحو 2006 طلب خاص من هذه الإساتفادة وهذا من أصل 2045 تلقت ذات المصالح من طرف أصحابها ومن جهة أخرى وإستناد إلى نفس المصدر فإنه قد تم رفع قيمة المساعدة الخاصة بهذا الجانب إلى 128 مليون بعدما كانت 70 مليون سنتيم وهذا بداية من شهر أفريل الماضي من هذه السنة وسوف يخصص من هذا المبلغ 000 580 دج لإنجاز الدراسات التقنية ومتابعة مختلف مراحل لإزالة البناء الجاهز المراد إزالته.
هذا وقد تقرر أيضا مسح ديون مستحقات الإيجار بالنسبة لـ 700 عائلة فقيرة ومعوزة قصد إدراج أسمائها ضمن قائمة المستفيدين من هذه المساعدات أما بالنسبة للذين لا يملكون وثائق الإيجار فقد تقرر أيضا إدراج أسمائهم ضمن قائمة المستفيدين وهم يمثلون حسب مصادرنا نحو 15٪
عدد مستأجري هذه الشاليهات 6300 عائلة حسب آخر إحصاء وسيستفيدون من عملية المساعدة التي خصصت الدولة للمكنوبين والذين مازالوا يئنون تحت وطأة العذاب ورحمة «لميونت» التي تهدد صحتهم وصحة أبنائهم
أما العدد الإجمالي لسكنات المنجزة من هذا النوع عقب زلزال أكتوبر 1980 فقد وصل إلى 18316 منها 12 ألف تم بيعها في إطار التنازل عن أملاك الدولة و6300 بناء جاهز آخر تم إستأجارها
ما تجب الإشارة إليه في الأخير أن مشكل البناء الجاهز ما زال صراع في رؤوس المسؤولين وصعب التخلص منه حيث لم تقوى المهدئات على إصلاح الوضع ليبقى السكان ينتظرون فرج يأتيهم خاصة وأن المعاناة قد طالت وضحايا هذه الشاليهات في تزايد مستمر من لاميونت إلى سرطان الثدي الذي إفتك بالعديد من ربات البيوت إليه والقائمة ما تزال مفتوحة مالم تتسارع الجهات المعنية لانقاذ ما يمكن إنقاذه في أزمة عمرت طويلا وصار المواطن ينظر بعينه وينتظر متى يأتي الفرج وتدق ساعة الخلاص؟
