تفسير اية قوله تعالى : ( وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى ( 7 )سورة طه
يقول تعالى ذكره : وإن تجهر يا محمد بالقول ، أو تخف به ، فسواء عند ربك الذي له ما في السموات وما في الأرض ( فإنه يعلم السر ) يقول : فإنه لا [ ص: 272 ] يخفى عليه ما استسررته في نفسك ، فلم تبده بجوارحك ولم تتكلم بلسانك ، ولم تنطق به وأخفي .
ثم اختلف أهل التأويل في المعني بقوله ( وأخفى ) فقال بعضهم : معناه :
عن ابن عباس ، قوله ( يعلم السر وأخفى ) يعني بأخفى : ما لم يعمله ، وهو عامله; وأما السر : فيعني ما أسر في نفسه .
عن مجاهد ، في قول الله ( يعلم السر وأخفى ) قال : أخفى : الوسوسة ، زاد ابن عمرو والحارث في حديثيهما : والسر : العمل الذي يسرون من الناس .
عن ابن عباس ، في قوله ( يعلم السر وأخفى ) قال : السر : ما يكون في نفسك اليوم ، وأخفى : ما يكون في غد وبعد غد ، لا يعلمه إلا الله .
عن قتادة ، في قوله ( يعلم السر وأخفى ) قال : أخفى من السر : ما حدثت به نفسك ، وما لم تحدث به نفسك أيضا مما هو كائن .
سمعت أبا معاذ ، قال : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله ( يعلم السر وأخفى ) أما السر : فما أسررت في نفسك ، وأما أخفى من السر : فما لم تعمله وأنت عامله ، يعلم الله ذلك كله .
قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( يعلم السر وأخفى ) قال : السر ما أسر ابن آدم في نفسه ، ( وأخفى ) : ما أخفى على ابن آدم مما هو فاعله قبل أن يعلمه فالله يعلم ذلك كله ، فعلمه فيما مضى من ذلك وما بقي علم واحد ، وجميع الخلائق في ذلك عنده كنفس واحدة ، وهو قوله : ( ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة ) [ لقمان : 28 ] .
تفسير الشيخ الطبري