قال تعالى : ( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) التوبة/ 67 .
قال تعالى : ( وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ ) البقرة/ 17 .
والكفار تركوا الاستجابة لرسل الله تعالى فتركهم الله في ظلمة الجهل والكفر .
وكلا الفريقين سيتركهم في جهنم يوم القيامة خالدين فيها أبداً .
قال تعالى : ( فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) السجدة/ 14 .
وقال تعالى : ( وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ . الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ) الأعراف/ 50 ، 51 .
قال ابن كثير رحمه الله : " وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : نتركهم ، كما تركوا لقاء يومهم هذا .
وقال مجاهد : نتركهم في النار .
وقال السُّدِّي : نتركهم من الرحمة ، كما تركوا أن يعملوا للقاء يومهم هذا " انتهى من "تفسير ابن كثير" (3/425) .
وقال تعالى : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) الحشر/ 19 .
قال القرطبي رحمه الله : " ( نَسُوا اللَّهَ ) أي : تركوا أمره .
( فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ ) أن يعملوا لها خيراً " انتهى من "تفسير القرطبي" ( 18 / 43 ) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
"فمن نسي الله تعالى : أنساه نفسه في الدنيا ، ونسيه في العذاب يوم القيامة ، قال تعالى ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى . قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا . قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ) طه/ 124 – 126 ، أي : تُنسى في العذاب كما نسيت آياتي فلم تذكرها ولم تعمل بها" انتهى من "الوابل الصيب" ( ص 67 ) .
وروى مسلم ( 2968 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (فَيَلْقَى [الله تعالى] الْعَبْدَ فَيَقُولُ : أَي فُلْ أَلَمْ أُكْرِمْكَ وَأُسَوِّدْكَ وَأُزَوِّجْكَ وَأُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالإِبِلَ وَأَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ فَيَقُولُ : بَلَى ، قَالَ : فَيَقُولُ : أَفَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلاَقِيَّ ؟ فَيَقُولُ : لاَ ، فَيَقُولُ : فَإِنِّي أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي ) .
( أي فل ) معناه يا فلان .
( أسودك ) أي : أجعلك سيِّداً على غيرك .
( تربع ) أي : تركتك مستريحاً لا تحتاج إلى مشقة وتعب .
وعليه :
فقول القائل " لا تنس الله فينساك " : قول صحيح ، ووعيد شرعي ، ومعنى " لا تنس الله " أي : لا تترك حق الله ، ولا تترك ما أمرك الله تعالى به فـ " ينساك " أي : يتركك في غيِّك في الدنيا عقوبة على فعلك ، ويتركك في العذاب يوم القيامة ، فإن كانت معصية العبد دون الكفر المخرج من الملة : كان تركاً لأمَد ، وإن كانت معصيته كفراً مخرجاً عن الملة ومات عليه : كان تركاً للأبد .